اضِّطراب طيف التوحُّد

يعد اضِّطراب طيف التوحُّد واحداً من الاضِّطرابات العصبيَّة النمائيَّة، وهي مجموعة من الاضِّطرابات التي تظهر في فترة النمو، وتتسم بوجود عجز في النمو أو اختلافات في عمليات الدماغ التي تؤدِّي إلى إعاقة الأداء في مجالات مختلفة اجتماعيَّة أو أكاديميَّة أو مهنيَّة.

ويظهر اضِّطراب طيف التوحُّد من خلال وجود عجز مستمر في التواصل والتفاعل الاجتماعي عبر سياقات متعدِّدة بما في ذلك العجز في التبادل الاجتماعي وسلوكيات التواصل غير اللفظية، وفهم وتطوير العلاقات والمحافظة عليها، بالإضافة إلى وجود أنماط مقيّدة وتكراريَّة من السلوك والاهتمامات والأنشطة، ويظهر هذا الاضِّطراب في مرحلة الطفولة المبكِّرة، ويعيق من الوظائف اليوميَّة (American Psychiatric Association, 2022).

انتشار اضِّطراب طيف التوحُّد

تُقدِّرُ منظَّمة الصِّحَّة العالمية (WHO) انتشار اضِّطراب طيف التوحُّد حول العالم بنسبة 0.76%، (Hodges et al., 2020)، وفي مراجعة حديثة لـ71  دراسة لمعرفة تقديرات انتشار اضِّطراب طيف التوحُّد في أنحاء العالم وجد الباحثون أنَّ الدراسات حول العالم تشير إلى أنَّ اضِّطراب طيف التوحُّد ينتشر بوسيط 100/10000 وبمدى (1.09 إلى 436.0 لكلِّ 10.000) ويبدو أن الذكور أكثر إصابة به من الإناث حيث تقدر نسبة إصابة الذكور إلى الإناث بوسيط 4.2 (Zeidan et al., 2022).

عوامل الخطر

يوجد اضِّطراب طيف التوحُّد في جميع المجموعات العرقية والإثنية والاجتماعية والاقتصادية، مع ذلك فتشخيصه غير متماثل بين هذه المجموعات؛ حيث يتمّ تشخيصه لدى بعض المجموعات أكثر من الأخرى وربما يكون ذلك نتيجة لعوامل مختلفة مثل الوصم ونقص الوصول إلى خدمات الرعاية وغيرها من العوامل.

أسباب الإصابة باضِّطراب طيف التوحُّد غير معروفة مع ذلك هناك عدَّة عوامل تم تحديدها، ومنها الجينات والوراثة، وتعرض الأم إلى كيماويات سامَّة أو إصابتها بأمراض وفيروسات أثناء الحمل، وتشمل عوامل الخطر الأخرى الاضِّطرابات الأيضية، وزيادة عمر الوالدين عند الحمل والخداج، وانخفاض الوزن عند الولادة والتعرُّض للمعادن الثقيلة والسموم البيئية والالتهابات الفيروسية التي تصيب الجهاز العصبي المركزي (;Alpert, 2021; Hodges et al., 2020 الشامي، 2004).

ويُعتقد أن العوامل الوراثية والبيئية لهما دور في اضِّطراب طيف التوحُّد لكن يبدو أن للوراثة الدور الأبرز، حيث أنَّ الدراسات التي قيَّمت انتشاره لدى التوائم المتماثلة وجدت أن فرصة الإصابة تتراوح بين 95%-36% إذا كان أحد التوائم مصاباً باضِّطراب طيف التوحُّد، وتنخفض هذه النسبة إلى 30%-0% لدى التوائم المتآخية (Sharma et al., 2018).

تشخيص اضطراب طيف التوحد

يتطلَّب تشخيص التوحُّد عادة تقييماً من قبل فريق من المتخصصين بعلم النفس والأطبَّاء والمعالجين الوظيفيين واختصاصي اللغة واضِّطرابات التخاطب، ويتم التشخيص بناءً على الملاحظة الإكلينيكية حيث لا توجد مؤشِّرات حيوية تساعد في تشخيصه، ويحدُّد الدليل التشخيصي الاحصائي الخامس المعدَّل للاضِّطرابات العقلية عدداً من المحكَّات لتشخيص اضِّطراب طيف التوحُّد (American Psychiatric Association, 2022)، فيشير إلى أن اضِّطراب طيف التوحُّد يظهر بـ:

  • وجود عجز مستمر في التواصل الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي عبر سياقات متعدِّدة موجودة حالياً أو من خلال التاريخ ومنها ما يلي:
  • قصور في التبادل الاجتماعي-العاطفي، والذي قد يتراوح في شدته بين استخدام طرق غير طبيعية للتواصل الاجتماعي، إلى الفشل في مواصلة المحادثة وتبادلها، وإلى انخفاض في مشاركة الاهتمامات والمشاعر، وحتى الفشل في بدء أو الاستجابة للتفاعل الاجتماعي.
  • قصور في استخدام سلوكيات التواصل غير اللفظية في التواصل الاجتماعي، والذي قد يتدرُّج في الشدَّة بين ضعف تكامل التواصل اللفظي وغير اللفظي، إلى تواصل بصري واستخدام غير طبيعي للغة الجسد أو عجز في فهم واستخدام الإشارات، وحتى الافتقار التام لتعابير الوجه والتواصل غير اللفظي.
  • قصور في الفهم والتطوير والمحافظة على العلاقات، والذي قد يتراوح من وجود صعوبات في تعديل السلوك لتلائم السياقات الاجتماعية، إلى صعوبات مشاركة اللعب التخيلي أو تكوين الصداقات، وحتى غياب الاهتمام في الأقران.
  • وجود أنماط مقيّدة وتكراريّة من السلوك، أو الاهتمامات أو الأنشطة، والتي قد تكون موجودة حالياً أو في مراحل سابقة والتي تظهر في اثنين مما يلي على الأقل:
  • نمطية أو تكرارية في الحركات، واستخدام الأشياء، أو المحادثة (على سبيل المثال صف الألعاب، المصاداة).
  • الإصرار على التماثل، الالتزام بروتين غير مرن أو طقوس نمطية من السلوك اللفظي وغير اللفظي (على سبيل المثال، انزعاج شديد من التغيُّرات البسيطة، صعوبات في التغيير، أنماط تفكير جامدة، طقوس الترحيب، الحاجة إلى أخذ نفس الطريق أو تناول نفس الطعام يومياً).
  • اهتمامات مقيدة، وثابتة غير طبيعية بشدَّتها وتركيزها (على سبيل المثال التعلُّق أو الانشغال الشديد بأشياء غير اعتيادية، أو الاهتمامات المقيَّدة والمبالغة والمواظبة بشكل مفرط عليه.
  • فرط أو انخفاض للنشاط للمدخلات الحسية أو اهتمامات غير اعتيادية بالجوانب الحسية للبيئة (على سبيل المثال عدم الإحساس بالألم أو الحرارة، أو الاستجابة السلبية غير الملائمة للأصوات أو لملمس معين، أو الشم واللمس المفرط للأشياء، والانبهار البصري بالأضواء والحركات).

ج- يجب أن تظهر الأعراض في فترة مبكِّرة من مراحل نمو الطفل (غير أنَّ الأعراض قد لا تتضح حتى تُبرز الحاجات الاجتماعية مدى محدودية قدرات الطفل، أو قد تختفي تحت استراتيجيات تعلُّم مكتسبة في مراحل لاحقة من الحياة.

د- يجب أن تسبِّب الأعراض عجزاً واضحاً في الجوانب الاجتماعية والوظيفية أو جوانب أخرى مهمَّة للأداء الحالي.

ه- أن لا يكون التفسير الأفضل لما سبق هو الإعاقة الذهنية أو التأخُّر العام في التطوُّر النمائي. (American Psychiatric Association, 2022).